الأحد، 11 مارس 2012

فى مجلس الشعب الحلاقة غدا مجانا


بقلم/ د. ربيع البرقي

يحكى أن أحد الحلاقيين عانى من كساد تجارته و أصبح محل الحلاقة لديه لا يدخله أحد ففكر فى حيلة تجذب إليه الزبائن فعلق على الباب لافتة صغيرة كتب عليها " الحلاقة غداً مجاناً " واشترط علي الزبائن أن يأتوا فرادى وعندما يفرغ الحلاق من عمله يطالب الزبون بأجرة الحلاقة ويدور النقاش بينهم فالزبون يقول له أن الحلاقة مجاناً و لكن الحلاق يرد عليه بأن ذلك غداً و ليس اليوم فيضطر الزبون لدفع تكلفة الحلاقة وهكذا يستمر الحال مع كل زبون فمازال الغد لم يأتى .
و الشاهد من هذه القصة القصيرة و التى ربما تكون مملة أيضاً هو الملل الذى تعودنا عليه من مجلسنا " الموقر " الذى يخرج كل يوم و احياناً يخرج ثلاث مراتٍ يوميا ليؤكد لنا أنهم سيسحبون الثقة من الحكومة و أن الأغلبية على استعداد لتشكيل حكومة إنتقالية و أنهم سوف يحاسبون المخطئ و أنهم سوف و سوف و الى مالانهاية من التسويف و كل شئ سيحدث غداً ، ولكن متى سيأتى هذا الغد فليس المسؤول عنه بأعمل من السائل و كله فى علم غيب المجلس العسكرى و الأغلبية البرلمانية المتمثلة فى الاخوان المسلمين و من بعدهم حزب النور السلفى .
و بالنظر إلى الأمر بطريقة أخرى فإن التفسير لكل هذا الصبر على هذه الحكومة الفاشلة التى قالت لن نركع ولكنها خرّت ساجدة مع أول عين حمراء ظهرت من امريكا ، فإن الامر ينطوى على نوع من الاتفاق مع المجلس العسكرى على ان تبقى هذه الحكومة حتى أخر لحظة يبقى فيها مجلس المخلوع فى حكم البلاد حتى تتم علي يديها انتخابات الرئاسة و التى هى من وجهة نظر المجلس العسكرى هى المعركة الأهم و حيث أن معركة الدستور على الأقل من ظاهر الأمور أنها ليست فى يديه فإنه يبقى على حقه – من وجهة نظره – فى ان تتم انتخابات الرئاسة فى وجوده وكذلك وجود حكومته حتى تتم بما يراه يتفق و مصلحته فهو لايضمن أو بالأحرى قل أنه لايريد أن تتم انتخابات الرئيس القادم فى ظل وجود حكومة تخاف من الشعب لانها تمثل البرلمان المنتخب و لكنه يريد حكومة لا علاقة لها برضا الشعب من عدمه لأن من أتى بها هو مجلس المخلوع و هو ايضا – كما قالت الوزيرة فايزة أبو النجا – الذى بيديه سحب الثقة من الحكومة .
و معركة الرئيس مهمة جداً بالنسبة للمجلس العسكرى لأن الرئيس القادم هم القائد الأعلى للقوات المسلحة و هذا ما يعنى انه مجلس التسعة عشر لواء قد يكونوا خارج القيادة إذا ما أتى رئيس على غير هواهم و اتفاقاتهم .
ونعود مرة أخرى إلى المجلس المنتخب من الشعب انتخاباً " لم يشوبه تزوير فى صناديق الاقتراع " ولا أجد تفسيراً لاصراره على التسويف إلا كنوع من التخدير للناس حتى تمر هذه الفترة إلى انتخابات الرئاسة و إجرائها فى ظل حكومة قالت لن نركع و ركعت ويأتى مجلس المخلوع بالرئيس الذى يدشن لبقاءه العسكرى فى قيادة الجيش و تحريك الحالة السياسية من وراء الكواليس فى مصر و ما يتفق وهواه ، وتظل الاغلبية على وضعها النعامى - نسبة إلى النعامة - هذا فى المجلس حتى لا تثير غضب المجلس العسكرى فيخرج لها ما فى جعبته من أحكام تنتظر فقط التصديق عليها من المحكمة الدستورية العليا التى هى بحسابات الواقع فى جيب المجلس العسكرى .
وحصيلة هذا كله – على دماغ الشعب – وعلى حساب الكرامة الوطنية التى دفع المصريون ثمنها من نزاهة القضاء المصرى ، و مازالت الحلاقة غداً مجاناً .
بقى فى الأخير أن أشير إلى أن هناك طرح تقدم به أحد النواب وهو طرح موضوع الاستغناء عن المعونة الأمريكية للتصويت فى البرلمان و الذى وإن تم فإنه سوف يكون خطوة على الطريق الصحيح و تكون نقطة تحسب لصالح مجلس الشعب المنتخب .