الاثنين، 18 فبراير 2013

ربيع البرقي يكتب: هل تعرفون عمر؟



(1)
أربعة عشر قرناً من الآن؛ يدخل رجل في تمام زينته رسولاً من ملكه إلى ذلك الرجل الذي يقود الدولة التي أركعتهم، وكان يظن أن يراه على عرش أثير يجلس من حوله الحراس والخدم، غير أنه هاله أن يرى من أتى إليه  ينام بجوار جدار متوسداً ذراعه فوق الثرى تحت ظل الدوح يشتمل بردة كاد طول العهد يبليها، فهان في عينيه ما كان يكبره من الأكاسر والدنيا بأيديها، و قال قولة حق الجيل بعد الجيل يرويها، آمنت لما أقمت العدل بينهم فنمت نوم قرير العين هانيها.

إنه عمر.. هل تعرفون عمر؟
كنا صغار و كانت قصة عمر الفاروق هي أول عهدنا بقصص الصحابة، عرفنا عمر قبل أبو بكر، رغم أن الثاني كان صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الغار وهو أحب الرجال إليه، لكننا عرفنا عمر قبله لأنه الفاروق، عرفنا أن خادمه أراد يحمل الدقيق عنه فقال له "وهل أنت تحمل عني وزي يوم القيامة، لا أم لك؟!"، فعرفنا عمر. عرفنا أن بغلة العراق لو عثرت لخشى أن يسأله الله لو لم يمهد لها الطريق.. فعرفنا عمر. عرفنا أن قبطياً ظلمه عبد الله بن عمرو بن العاص والي مصر فاقتص له عمر.. عرفنا العدل فعرفنا عمر.

هل عرفتم عمر؟
يقول ابن تيمية رحمه الله "وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم، أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في إثم، ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة؛ ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة".
بينما يرى ابن القيم رحمه الله أنه حيثما أسفر العدل بوجه وقامت أدلته فثم شرع الله ورضا أمره و تنزيله. بمثل هذا أسلم الناس.

(2)
عام واحد تقريباً من الآن، يقف في مواجهة الكاميرا بينما كان يحاول دفع عربته أمامه متجهاً إلى عساكر الأمن ليحتمي بهم من البلطجية الذين هجموا عليه ذات مساء وأخذوا كل نقوده، يسأله مصور الفيديو عن أحلامه فكانت إجابته "مش من حقي أحلم يا أستاذ"، ثم يردف "أنا تعبت من الشغلانة دي، نفسي أغير وظيفتي"، يعرض عليه مصور الفيديو أن يعلمه ويعطيه ما يحتاج فيرد عليه "عاوز أشوف أكل عيشي".
لا تقلق يا صديقي؛ من حقك الحلم ، لكن الواقع أقسى بكثير من أحلامك. الوطن قاس على أبنائه يا عــمــر.

هل تعرفون عمر؟ هل عادكم من ذِكره شجن؟ عمر هو الطفل بائع البطاطا في ميدان التحرير، وُ جِد مقتولاً في الثالث من فبراير الجاري برصاصتين.. واحدة في البطن والثانية في الرقبة.
تقول الرواية الرسمية للدولة المرسية إنه قتل خطأً عندما كان يمزج مع مجند أمن مركزى كان مكلفاً بحراسة السفارة الأمريكة، حيث كان يتجه عمر ليحتمى بهم من البلطجية! ما بين سيارة محمد الجندي إلى عسكري عمر تختلف الروايات، لكن تبقى الحقيقة الثابتة أنه حتى المجنون لن يصدقكم.
 تتسارع الخطى نحو القدر يا عمر و تموت على يد من كنت تظن أنك به تحتمي!

(3)
أقل من عام من الآن، يكتب على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي مهاجماً قيادات المعارضة فيرد عليه أحد أصدقائه "أبوك نهايته وحشة على فكرة لو هتفضلوا تكفروا في الناس كده"، فيرد عليه قائلاً "اسمه سيادة الريس يا بغل"
إنه عمر.. هل تعرفون عمر؟ عمر محمد محمد مرسي عيسى العياط ؛ طالب متوسط المستوى يحصل على بكالوريوس التجارة بتقدير عام جيد من جامعة الزقازيق، أشهر قليلة قبل ظهور النتيجة يتولى والده منصب رئيس الجمهورية، وفي الثالث عشر من فبراير يعين في وظيفة لم يعلن عنها في الشركة القابضة للطيران، وكأنها خلقت خصيصاً لأجل عمر بن "سيادة الريس يا بغل"، الوظيفة بمرتب يتجاوز 35 ألف جنيه شهرياً.
يقول وزير الطيران المدني إنه اجتاز اختبارات اللغة والحاسب الآلي، وعلى هذا الأساس عينوه في الشركة المملوكة للدولة بمرتب يقترب من السبعين ضعف لمن هم في مثل ظروفه وسنه من بقية أبناء الشعب.. هل هذا عدل يا أبا عمر؟!

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن من إكرام الله  تعالى إجلال أربعة أصناف من الناس وذكر منهم "السلطان المقسط" فهل أنت مقسط يا أبا عمر؟
لقد كانت رسالة الإسلام هي إخراج الناس من ظلم الأديان إلى عدل الإسلام، فالدولة التي قامت على كلمات من نور "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" ستظل باقية حتى يوم القيامة، لكن الدولة التي قامت على كلمات من قبور "لو أن عمر بن مرسي أنهى تعليمه بتقدير جيد لعينته في وزارة الطيران" ستنتهي عاجلاً أو آجلاً، تلك سنة الله قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ابشر بزوال دولتك يا سيادة الريس.