الثلاثاء، 28 فبراير 2012

جارديان: على سوريا أن تحذر من بعض “أصدقائها” بقدر أعدائها


• الصحيفة: خطر تدخل عسكري من المعسكر الشرقي ودولا استبدادية كالسعودية أقوى من خطر الغرب
• السعوديون حظروا كل أنواع المظاهرات على أراضيهم وأفسدوا عمدا ثورتين عربيتين العام الماضي في البحرين واليمن

في مقال نشرته صحيفة “جارديان” البريطانية، أمس قدم الكاتب بريان ويتكر، رؤية مختلفة عن “أصدقاء” سوريا، وما يجب على السوريون الحذر منه، معتبرا أن تدخل المعسكر الشرقي يمكن أن يصبح أخطر من المعسكر الغربي، خاصة دولا “استبدادية” مثل السعودية.

 وكما يزعم النظام السوري، ستتوقف عمليات التعذيب، وتضمن الدولة الحرية الشخصية للمواطنين والحفاظ على كرامتهم وأمنهم. غير حق الجميع في التعبير عن آرائهم بحرية تامة، وتضمن الدولة أيضا حرية واستقلال الصحافة. على الأقل، هذا هو ما يفترض أن يحدث إذا حصل التصويت على الدستور الجديد بأغلبية موافقة. المتوقع أن يظهر هذا للسوريين والعالم أن الأسد يقدم بهدوء إصلاحات وسط خضم كل هذه الاضطرابات.

 على الرغم من عدم وجود أي شخص تقريبا مقتنع بالأمر، فالنقيض تماما هو ما يحدث على أرض الواقع، وهو ما يضفي جوا من عدم الواقعية للدستور والاستفتاء، على الصعيد الدولي. ففي حين اجتمع “أصدقاء سوريا” في تونس الجمعة الماضية لبحث سبل إسقاط النظام، يعلن النظام نفسه بكل سرور عن إقبال الناخبين المتزايد وعن زيادة مراكز الاقتراع من 13835 إلي 14185.
 ويوضح الكاتب أن الأسد “يحرث في البحر”، وكذلك أصدقاء سوريا. فالجميع منقسمين على ما يجب القيام به، لأنه لا يوجد مسار للعمل بالأساس.

 في الاجتماع الذي عقد في تونس يوم الجمعة، عرضت هيلاري كلينتون تقديم أكثر من 10 ملايين دولار كمساعدات إنسانية لسوريين، وأكدت: “لا يمكننا أن نخذلهم”. فهي كما تتوقع حدوث انقلاب داخلي، ترى أن من شأنه أن يخفف عن الأمريكيين مأزق النظام السوري، بالرغم من ذلك، وكما رأينا في مصر، فالأمر لن يحقق بالضرورة خلاصا للسوريين.

 يؤكد الكاتب على فكرة أن ما يجب أن نخشاه أكثر من أي شيء آخر، هو التدخل العسكري من المعسكر الشرقي، وليس الغربي لأنه بعيد الاحتمال. فهناك مشهد “عبثي” عن مجموعة “أصدقاء سوريا” التي تروج للتغير والإصلاح، فالمجموعة تضم عدد كبير من الحكام المستبدين، ومن بينها الدولة التي تأخذ دور الريادة، وهي البلد “سيئة السمعة”، في مجال حقوق الإنسان، السعودية.

 لا شيء من ذلك يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل سوريا، فالسعوديون – الذين حظروا كل أنواع المظاهرات على أراضيهم- “أفسدوا” عمدا ثورتين عربيتين العام الماضي. أولا، من خلال إرسال قوات إلي البحرين للحفاظ على النظام الملكي هناك. ومن ثم، عن طريق التلاعب بالانتفاضة اليمنية لضمان ألا يتغير الكثير بعد تخلى الرئيس على عبدالله صالح عن السلطة.

 وأوضح الكاتب أنه كانت هناك مفارقة غريبة في اللافتات المعلقة في مختلف أنحاء منطقة المؤتمر في تونس. حيث جاءت لافتات اللغة الانجليزية: “أصدقاء سوريا”، بينما تغير المسمي بالعربية ليصبح: “أصدقاء الشعب السوري”. كما لو كانوا يلعبون على التعاطف مع السوريين العاديين وأنهم يحتلون مركز الصدارة في قلوبهم.

 وشدد على أنه في الواقع، وبطبيعة الحال، جميع الدول المشاركة لديها مصالح قومية “أو ما يعتبرونه مصالح وطنية”، والتي تأتي أولا قبل مصالح الشعب السوري. وفي بعض الحالات، تأتي مصالح الشعب السوري متأخرة جدا، حتى بين “الأشقاء” العرب.

 فحكام المملكة العربية السعودية، “السنيين – الوهابيين” يشعرون ب”جنون الارتياب” حول ما يعتبرونه تهديدا شيعيا. فهم خائفون ليس فقط من إيران، بل من كل الطوائف الشيعية المهمشة في المنطقة، والأغلبية الشيعية في البحرين المحكومة من قبل ملك سني. هذا غير العراق على الحدود الشمالية، حيث عادت الجماعات الشيعية إلي الظهور بعد عقود من قمعها – وذلك بفضل جورج بوش – في أعقاب الإطاحة بنظام صدام حسين.

 أما من وجهة النظر السعودية، فالتخلص من الأسد يساعد على تحويل التوازن إلي الاتجاه السني في الإسلام. معظم السوريون من السنة، على الرغم من هيمنة النظام المنتمي للعلويين –أحد طوائف الشيعة- والحليف الوثيق مع إيران. لذلك يري الكاتب أن السعودية وما تريده من “دعم” للمعارضة السورية، من المرجح أن يجعل الصراع الطائفي أكثر وليس أقل.

 لذلك يؤكد الكاتب في نهاية المقال على أنه ينبغي على السوريين الحذر من “الأصدقاء” بقدر الأعداء.