معتز بالله عبد الفتاح
لو كان لى أن أنقل ما فهمته عن الرؤية التى قدمت من قبل السيدين عضوى المجلس الأعلى للمجلس العسكرى فى لقائهما التليفزيونى مساء الأربعاء الماضى، فيمكن لى أن ألخصها فى عشر نقاط.
أولا: الثورة لا تساوى طليعة الثوار الذين أشعلوا الثورة فقط، وإنما هى تساوى كل الشعب المصرى فى عقيدة المجلس العسكرى. وعليه لا فضل لثائر على ثائر آخر، أو لثائر على غير ثائر بموقفه من الثورة أو بتوقيت التحاقه بها. وهذا الفهم له دلالة مهمة جدا.
ثانيا: الثورة لا تعنى الانقلاب العسكرى. وعليه فالمجلس العسكرى يكرر تأكيده أنه لا ينوى البقاء فى السلطة، وإنما هو يعمل من أجل تسليم السلطة لمجلس ورئيس مدنيين منتخبين. إذن هى شراكة بين الشعب والجيش، وسيعود الجيش إلى ثكناته بعد أن يكون قد أدى مهمته الوطنية التى لم يكن مستعدا لها أو مدربا عليها. وعلى الشعب أن يثق فى ذلك وأن يتخلى عن روح التشكك التى سادت لفترة طويلة بين الحاكم والمحكومين.
ثالثا: الثورة لا تعنى تسليم السلطة لفصيل بعينه، وعليه فالمجلس أجل الانتخابات قدر المستطاع كى تستعد الأحزاب الجديدة والشباب كى يمثلوا داخل البرلمان.
رابعا: الثورة لا تعنى العقوبة الجماعية للمحسوبين على النظام السابق. المجلس لا يعتقد أن انتماء شخص ما إلى الحزب الوطنى أو تسهيله للتزوير أو اغتصاب السلطة تستوجب عقوبة جماعية لكل من أسهم فيها، وإنما هى عقوبة فردية تبحث عبر النيابة العامة ومن ثم المحكمة. وكأن المجلس بذلك يقول إنه لا يريد أن يستبعد هؤلاء من الحياة السياسية حتى لا تميل كفة فصيل بعينه وكأن المجلس سلم البلاد لهم.
خامسا: الثورة لا تعنى السرعة. الوقت ليس ملحا فى عرف المجلس، ومن الممكن تأجيل عمل اليوم للغد، لأن الغد سيأتى معه برلمان منتخب ورئيس منتخب وليتحملا المسئولية.
سادسا: الثورة لا تعنى الخروج على القانون الموروث عن النظام السابق. القانون، حتى لو كان معيبا، لا بد أن يلقى شيئا من الاحترام، وهو ما يفسر لماذا لم يوافق المجلس على قانون يتم بموجبه عزل جميع القيادات الجامعية من مناصبها لأنه بهذا سيفتح الباب، من وجهة نظر المجلس، لانقلاب كل الموظفين والعاملين فى الدولة على جميع المحسوبين على النظام السابق وهؤلاء يعدون بعشرات الآلاف. وحين نضيف لذلك أن الوقت ليس موضع اعتبار، فلا مانع من أن تؤجل الدراسة فى بعض الكليات والجامعات لحين الفصل فى هذه القضية على ما فهمت.
سابعا: الثورة لا تعنى الاحتجاجات المستمرة لأن المجلس لا يعرف طريقة للاستجابة لكل هذا الكم من الاحتجاجات والاعتصامات والمطالب إلا بعد أن نتجه أولا للعمل والإنتاج. كما أن الثورة ليست السبيل لثورة أخرى كما يطالب البعض، لأن هذه الثورة نجحت فى أن تضعنا على طريق الديمقراطية والحكم المدنى، ولن تكون هناك حاجة لثورات أخرى.
ثامنا: الثورة لا تعنى الخروج على الشرعية، وإنما الثورة كانت جزءا من الشرعية. فالمجلس الأعلى لن يخرج على إرادة الشعب، وطالما أن الشعب كان قابلا بحكم مبارك، فالمجلس الأعلى يرى مبارك الحاكم الشرعى، وطالما أن قطاعا واسعا من الشعب خرج عليه، فكان لابد من قبول اختيار الشعب. وبهذا المعنى، فإن المجلس يعلن قبوله لأن يكون قائده الأعلى القادم مدنيا ما دام يحظى بالشرعية.
تاسعا: الثورة لا تعنى النيل من ثقة الشعب بكل طوائفه فى الجيش وأن ما حدث فى ماسبيرو وغيره من حوادث لا تدخل فى إطار أن الجيش قرر استخدام العنف ضد المدنيين أو ضد فئة دون أخرى، ومع ذلك لم يكن هناك تفسير متكامل لما حدث غير الإشارة لوجود فئة اندست وسط الجماهير.
عاشرا: الثورة لا تعنى تغيير الحكومة والمحافظين لمجرد أن أداءهم فى مجال معين ضعيف لأن هذه الفترة صعبة ومعظم الخلل فى أداء المسئولين ليس بسببهم بشكل شخصى، وإنما لأسباب خارجة عن إرادتهم.
هذا كان ملخص ما فهمت من اللقاء، وسواء قبلنا الرسائل التطمينية هذه أم لا، لكن هناك الكثير من القرارات التى كان من الممكن أن تساعد على تخفيف الاحتقان وتزيل من أسباب التشكك الموجودة عند البعض. وللحديث بقية.