التحرير
هل تكون المرحلة الأولى للانتخابات هى الأولى.. والأخيرة؟
تأجيل الانتخابات جريمةٌ وطنية لكنها معرَّضة فعلا للإلغاء
أخشى أن تكون المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية القادمة هى المرحلة الأولى والأخيرة.
لا أحد يريد أبدًا تأجيل الانتخابات، فالتأجيل إن حدث جريمةٌ وطنية، لكن الانتخابات معرَّضة فعلا للإلغاء، وقد يكون إلغاؤها مطلبا وطنيا إذا جاءت المرحلة الأولى ملوثة بالدم!
الحاصل أن كل انتخابات سابقة شهدت ضحايا وقتلى، ولم يحدث أن مرت انتخابات دون دماء، لكن كان هذا فى إطار انتخابات تحت السيطرة، سيطرة قوى الأمن وجهاز أمن الدولة والتزوير الفاضح المقنن، وفى حضور إشراف قضائى لم يحمِ قتيلا، ولم ينقذ ضحية! لكن الوضع الذى تتم فيه الانتخابات القادمة أخطر وأسوأ ومنيّل بنيلة!
نحن نتحدث عن فشل مريع للمجلس العسكرى وحكومة المجلس العسكرى فى استعادة الأمن فى الشارع المصرى، بل العكس، فالفوضى تتصاعد، والانفلات يتسع، والعنف سيد الأخلاق، والعدوان والعدوانية قانون التعامل اليومى فى أنحاء البلاد، ويكفى قراءة خريطة حوادث القتل وقطع الطرق والاقتحامات والخطف والسرقة بالإكراه والثأر بين العائلات، لتعرف أنها تشمل مصر كلها، لا فارق صعيد من بحرى، عاصمة من أقاليم.
طبعا المجلس العسكرى يدعى أنه قادر على حماية وتأمين الانتخابات، وهو محض ادّعاء، نتمنى أن يكون قده، لكن الثابت أنه لم يقُم بتأمين مكان واحد حتى الآن فى مصر من الانفلات والفوضى، والمجلس يقول إنه يستطيع احتواء عمليات الشغب والعنف فى فترة الانتخابات، ولا أعرف كيف يفعلها المجلس وقواته التى نعلم جميعا أنها ليست مدرَّبة ولا مؤهَّلة لهذه الأعمال ولا لتلك المهام، بدليل فخ ماسبيرو الذى وقع فيه المجلس بكل هيلمانه، وانتهى إلى مجزرة ضد مدنيين وسقوط شهداء من الجيش نفسه، يعنى المجلس العسكرى يدّعى أنه قادر على حماية وتأمين الانتخابات وهو محض ادّعاء، نتمنى أن يكون قده، فكأننا نسلم الجيش المصرى وجنوده إلى معركة ضد شعب الناخبين، ونقعد نولول بعدها على المأساة التى حصلت!
الجيش المصرى العظيم والوطنى وأهم مؤسسة يفخر بها الشعب منذ عهد محمد على باشا يتقدم نحو فخ جديد بكل ثقة حين نطلب منه ما لا يقدر عليه، فهو جاهز متأهب ومؤهل لحرب ضد الأعداء، لكنه لا يملك أدوات مواجهة عنف شعبى أو شغب انتخابى أو عصابات مرشحين أو صراعات بين قبائل وعائلات، فكأننا نضحى به فعلا، ويضحى هو بنفسه من أجل مهمة مكلف بها بالضرورة الحتمية الشرطة المدنية ووزارة الداخلية!
لكن الداخلية تمارس لعبة أظنها أكبر من وزيرها الطيب النبيل ومن عدد من قياداتها الشرفاء كذلك، وهى لعبة ضرب علاقة الشعب بالجيش، عبر تصدير القوات المسلحة للأزمات والمظاهرات والاعتصامات ولحوادث الشغب والعنف، فيصبح الجيش بين أمرين: أن يستخدم العنف ضد مواطنيه أو أن يحجم عن استخدامه فيفشل فى مهمة الأمن واستعادة الهدوء!
هذه مؤامرة ظنى أنها مكشوفة ومقروءة جدا، بينما يتغافل عنها المجلس العسكرى، ويغفو عنها فريق شرف وعيسوى، وربما لا تدركها القوى السياسية المعمية بجهلها وبانحدار مستواها الفكرى، لكنها مؤامرة هى أنجح ما نراه فى مصر خلال المرحلة الانتقالية، حيث بدأت بالشرطة المنسحبة الهاربة، ثم الشرطة المدعية خوفا وذعرا من العودة، ثم الشرطة المقموصة، وهى فى كل المراحل تتهرب من المسؤولية، تلاوع فى ممارسة مهامها، تستهبل بقصة نفسيتها التعبانة والمكتئبة، كأننا نتحدث عن فنانين تشكيليين أو راقصى باليه لا عن ضباط بوليس، مهمتهم أن يكونوا ضباطا!
إذن الانفلات الأمنى ليس هو الخطر على الانتخابات القادمة، بل الأهم هو فوضى تسيب الشرطة وخلعانها من المسؤولية، ومحاولة توريط الجيش فى مهمة تأمين الانتخابات، ثم ثقة المجلس العسكرى المبالغ فيها، التى تفتقد الدليل على قدرته على التعامل مع مدنيين فى حالة شغب وعنف!
ما أخشاه أن تطلع فى رأس أحدهم مصيبة تشكيل لجان شعبية لحماية الانتخابات، فهذه ستكون ضربة قاضية على دماغنا، فسوف تفتح بابا للبلطجة تحت غطاء مشروع، وستكون جاذبة لأنصار وشبيحة المرشحين وأعضاء التيارات السياسية، خصوصا الإسلامية، فتتحول إلى نقاط مصارعة وتنافس وتزكية لنار العنف وإشعال الفتن.
إن مثل هذه الأفكار كفيلة بأن تحول بؤر العنف إلى ساحات مفتوحة من العنف، وتصنع من برك الدم بحيرات دماء، ويجب أن يراجع الإخوة الذين يفتون بهذه الأفكار أنفسهم، بل ويبدو المطلوب فعلا أن تكون اللجان الشعبية ممنوعة منعا قاطعا فى الانتخابات من أساسه، حتى لا تكون ورقة فى لعبة أو لعبة فى مخطط!
اغفروا لى تشاؤمى، وسوف أعتذر عنه لو لم يتحقق ما أحذر منه، وستكون هذه من المرات التى يتمنى فيها الواحد أن يكون مخطئا وأن يخيِّب الله ظنه!
هل تكون المرحلة الأولى للانتخابات هى الأولى.. والأخيرة؟
تأجيل الانتخابات جريمةٌ وطنية لكنها معرَّضة فعلا للإلغاء
أخشى أن تكون المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية القادمة هى المرحلة الأولى والأخيرة.
لا أحد يريد أبدًا تأجيل الانتخابات، فالتأجيل إن حدث جريمةٌ وطنية، لكن الانتخابات معرَّضة فعلا للإلغاء، وقد يكون إلغاؤها مطلبا وطنيا إذا جاءت المرحلة الأولى ملوثة بالدم!
الحاصل أن كل انتخابات سابقة شهدت ضحايا وقتلى، ولم يحدث أن مرت انتخابات دون دماء، لكن كان هذا فى إطار انتخابات تحت السيطرة، سيطرة قوى الأمن وجهاز أمن الدولة والتزوير الفاضح المقنن، وفى حضور إشراف قضائى لم يحمِ قتيلا، ولم ينقذ ضحية! لكن الوضع الذى تتم فيه الانتخابات القادمة أخطر وأسوأ ومنيّل بنيلة!
نحن نتحدث عن فشل مريع للمجلس العسكرى وحكومة المجلس العسكرى فى استعادة الأمن فى الشارع المصرى، بل العكس، فالفوضى تتصاعد، والانفلات يتسع، والعنف سيد الأخلاق، والعدوان والعدوانية قانون التعامل اليومى فى أنحاء البلاد، ويكفى قراءة خريطة حوادث القتل وقطع الطرق والاقتحامات والخطف والسرقة بالإكراه والثأر بين العائلات، لتعرف أنها تشمل مصر كلها، لا فارق صعيد من بحرى، عاصمة من أقاليم.
طبعا المجلس العسكرى يدعى أنه قادر على حماية وتأمين الانتخابات، وهو محض ادّعاء، نتمنى أن يكون قده، لكن الثابت أنه لم يقُم بتأمين مكان واحد حتى الآن فى مصر من الانفلات والفوضى، والمجلس يقول إنه يستطيع احتواء عمليات الشغب والعنف فى فترة الانتخابات، ولا أعرف كيف يفعلها المجلس وقواته التى نعلم جميعا أنها ليست مدرَّبة ولا مؤهَّلة لهذه الأعمال ولا لتلك المهام، بدليل فخ ماسبيرو الذى وقع فيه المجلس بكل هيلمانه، وانتهى إلى مجزرة ضد مدنيين وسقوط شهداء من الجيش نفسه، يعنى المجلس العسكرى يدّعى أنه قادر على حماية وتأمين الانتخابات وهو محض ادّعاء، نتمنى أن يكون قده، فكأننا نسلم الجيش المصرى وجنوده إلى معركة ضد شعب الناخبين، ونقعد نولول بعدها على المأساة التى حصلت!
الجيش المصرى العظيم والوطنى وأهم مؤسسة يفخر بها الشعب منذ عهد محمد على باشا يتقدم نحو فخ جديد بكل ثقة حين نطلب منه ما لا يقدر عليه، فهو جاهز متأهب ومؤهل لحرب ضد الأعداء، لكنه لا يملك أدوات مواجهة عنف شعبى أو شغب انتخابى أو عصابات مرشحين أو صراعات بين قبائل وعائلات، فكأننا نضحى به فعلا، ويضحى هو بنفسه من أجل مهمة مكلف بها بالضرورة الحتمية الشرطة المدنية ووزارة الداخلية!
لكن الداخلية تمارس لعبة أظنها أكبر من وزيرها الطيب النبيل ومن عدد من قياداتها الشرفاء كذلك، وهى لعبة ضرب علاقة الشعب بالجيش، عبر تصدير القوات المسلحة للأزمات والمظاهرات والاعتصامات ولحوادث الشغب والعنف، فيصبح الجيش بين أمرين: أن يستخدم العنف ضد مواطنيه أو أن يحجم عن استخدامه فيفشل فى مهمة الأمن واستعادة الهدوء!
هذه مؤامرة ظنى أنها مكشوفة ومقروءة جدا، بينما يتغافل عنها المجلس العسكرى، ويغفو عنها فريق شرف وعيسوى، وربما لا تدركها القوى السياسية المعمية بجهلها وبانحدار مستواها الفكرى، لكنها مؤامرة هى أنجح ما نراه فى مصر خلال المرحلة الانتقالية، حيث بدأت بالشرطة المنسحبة الهاربة، ثم الشرطة المدعية خوفا وذعرا من العودة، ثم الشرطة المقموصة، وهى فى كل المراحل تتهرب من المسؤولية، تلاوع فى ممارسة مهامها، تستهبل بقصة نفسيتها التعبانة والمكتئبة، كأننا نتحدث عن فنانين تشكيليين أو راقصى باليه لا عن ضباط بوليس، مهمتهم أن يكونوا ضباطا!
إذن الانفلات الأمنى ليس هو الخطر على الانتخابات القادمة، بل الأهم هو فوضى تسيب الشرطة وخلعانها من المسؤولية، ومحاولة توريط الجيش فى مهمة تأمين الانتخابات، ثم ثقة المجلس العسكرى المبالغ فيها، التى تفتقد الدليل على قدرته على التعامل مع مدنيين فى حالة شغب وعنف!
ما أخشاه أن تطلع فى رأس أحدهم مصيبة تشكيل لجان شعبية لحماية الانتخابات، فهذه ستكون ضربة قاضية على دماغنا، فسوف تفتح بابا للبلطجة تحت غطاء مشروع، وستكون جاذبة لأنصار وشبيحة المرشحين وأعضاء التيارات السياسية، خصوصا الإسلامية، فتتحول إلى نقاط مصارعة وتنافس وتزكية لنار العنف وإشعال الفتن.
إن مثل هذه الأفكار كفيلة بأن تحول بؤر العنف إلى ساحات مفتوحة من العنف، وتصنع من برك الدم بحيرات دماء، ويجب أن يراجع الإخوة الذين يفتون بهذه الأفكار أنفسهم، بل ويبدو المطلوب فعلا أن تكون اللجان الشعبية ممنوعة منعا قاطعا فى الانتخابات من أساسه، حتى لا تكون ورقة فى لعبة أو لعبة فى مخطط!
اغفروا لى تشاؤمى، وسوف أعتذر عنه لو لم يتحقق ما أحذر منه، وستكون هذه من المرات التى يتمنى فيها الواحد أن يكون مخطئا وأن يخيِّب الله ظنه!