
* من غير المتصور أن نطالب الشعب بالنزول لاختيار ممثليهم وهم يعانون مظاهر اختراق القانون والانفلات الأمني.
* على وسائل الإعلام تبصير المواطنين بكيفية ممارسة حقهم الانتخابي وطريقة التصويت "فردي وقائمة".
* عملية تأمين الانتخابات لا تقتصر فقط على حفظ الهدوء والأمن داخل مقر اللجنة الانتخابي.
* "وثيقة السلمي" تخالف الإعلان الدستوري الذي اسند هذه المهمة لمجلس الشعب.
أيام قلائل ويتوجه المواطنين إلي لجان الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات تشريعية عقب ثورة 25 يناير 2011، وسط توقعات بخروج عدد كبير منهم للممارسة واجبهم نحو الوطن، وتحذيرات من مغبة تعقيد عملية الاختيار في الانتخابات المقبلة علي النظام "الفردي والقائمة"، وعدم كفاية الوقت المحدد لإجرائها، بما يترتب علية أن كثير من المواطنين لن يستطيعوا التصويت.
ويزيد من تعقيد هذه المشكلة أنة لم تبدأ حتى الآن حملات توعية بكيفية الاختيار ـ بحسب المستشار عبد الرحمن الجارحى، منسق ائتلاف هيئة قضايا الدولة بالإسكندرية، والذي أوضح لـ"الشروق" أن المواطنين الذين لهم حق التصويت عددهم 50 مليون، مقسمين على 3 مراحل كل مرحلة حوالي 16 مليون مواطن.
وتابع "الجارحي" إذا قسمناهم على اللجان المُعلنة وهي 16 ألف لجنة، معناه أن اللجنة مدعو للتصويت أمامها 1000 ناخب، وفى ظل تعقيد العملية الانتخابية بين "فردى وقائمة"، وهو نظام لم نعتد علية من قبل، فان الوقت اللازم لكل ناخب للإدلاء بصوت على أفضل الفروض 3 دقائق، ومن ثم فان الوقت اللازم 3 آلاف دقيقة، أي حوالي 50 ساعة "ضعف اليوم مرتين".
واستطرد: "إذا قلنا أن عدد الحضور لن يتجاوز النصف، فان هذا يعني حاجتنا إلى 25 ساعة كاملة من العمل المستمر دون انقطاع، وهذا في الحقيقة غير ممكن من الناحية العملية أولا: لان الزمن المخصص هو 11 ساعة فقط وبالتالي حتى لو استمرت العملية تسير على نحو طبيعي لمدة 11ساعة بدون توقف، فهذا يعني أن العدد الذي يستطيع التصويت، هو فقط ربع العدد المقيد أسمائهم أمام اللجنة.
وطالب "الجارحي" المجلس العسكري، إلي سرعة تمكين جميع الهيئات القضائية، ومنحها الاستقلالية الكاملة، لممارسة مهمة الإشراف الكامل علي الانتخابات البرلمانية "الشعب والشورى" المقبلتين، بما يصب في صالح الشعب المصري، مؤكدا ذلك لن يتحقق سوي بإلغاء تبعية التفتيش القضائي، وتبعية النيابة الإدارية، وتبعية هيئة قضايا الدولة، لوزير العدل، مع استكمال باقي ضمانات الطمأنينة لأعضاء هذه الهيئات، ولن يتأتى ذلك سوي بسرعة إصدار المراسيم الخاصة بالقوانين، والتي قدمت للمجلس العسكري لتعديل مادتين بقانون هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، وسرعة انجاز مواد الاستقلال في قانون السلطة القضائية.
وتابع بدون صدور هذه القوانين، تظل الانتخابات عرضة "للطعن" اثر بقاء تبعية الهيئات القضائية للسلطة التنفيذية، قائلا: "لا نعلم سبب عدم إصدار مرسوم هيئه قضايا الدولة والنيابة الإدارية حتى الآن، رغم انه لا يتضمن سوى مادتين لكل هيئة، بما لا يدع مبررا لتمسك المجلس العسكري بسياسات مماثلة لسياسات النظام السابق، والذي كان يحارب استقلال الهيئات القضائية ليحتفظ لنفسه بيد للتدخل في شئون هذه الهيئات، لتمرير سياساته، وغل يد الجميع عن محاسبة الفساد الذي "قضي" علي جميع مؤسسات الدولة.
واستطرد "الجارحي" قائلا: "لقد أتي المجلس العسكري لكي يحقق أهداف الثورة، وعلى رئسها كفالة نزاهة الانتخابات، وقد قدمت الهيئات الموكل إليها دور إخراج هذه الانتخابات بشكل نزيه رؤيتها لتحقيق هذه الغاية ـ لكن لا نرى في عدم الاستجابة لها غير الرغبة في إحاطة العملية الانتخابية القادمة بظلال من الشك والريبة أو أكثر من ذلك محاولة للتدخل في نتيجة هذه الانتخابات، وهذا ما أصبح غير مقبول على الإطلاق بعد ثورة سقط فيها ما يقرب من 1000 شهيد.
وأهاب بالمجلس العسكري سرعة إصدار المراسيم الخاصة بالهيئات القضائية، وخاصة أنة وعد أكثر من مرة بإصدار هذه التعديلات في قوانين الهيئات القضائية، بما يكفل قيامها بدورة على أكمل وجه، لأنة في حال عدم إصدار تلك التعديلات، وإذا تم توجيه أية "طعون" إلى العملية الانتخابية فعلى المجلس العسكري أن يتحمل نتيجة ذلك أمام الشعب المصري.
ونبه منسق ائتلاف هيئة قضايا الدولة بالإسكندرية، نحن راغبون حقا في مساعدة الشعب على أن يضع ثورته موضع التطبيق من خلال انتخابات حرة ونزيهة، وفى سبيل ذلك نطالب بالأدوات التي تعيننا على القيام بهذا الدور وأهمها التأكيد على عدم التبعية للسلطة التنفيذية، وكذلك التأكيد على حماية القضاة وأعضاء الهيئات القضائية حال مباشرتهم لدورهم الذي ندبهم له الشعب ثقة منة فيهم، ولهذا نشعر بعظم المسؤولية ونطالب بالأدوات التي تعيننا عليها.
واستنكر "الجارحي" إثارة أمر "وثيقة المبادئ فوق الدستورية" بما يُعد استباقا للنتيجة الانتخابات البرلمانية، وبشكل مخالف للإعلان الدستوري الذي اسند هذه المهمة لمجلس الشعب، خاصة لتضمنه مواد استفتي عليها الشعب، ومن ثم لا يمكن تعديلها من الناحية القانونية، سوي بعد استفتاء الشعب مرة أخرى، وهو أمر غير ممكن في الوقت الحالي، كون البلاد مقبلة على انتخابات برلمانية وشيكة.
وتابع رغم أن ما يفصلنا عن بداء العملية الانتخابية، هو اقل من شهر، لكن ما يزال المشهد يخيم علية قدر كبير من الضبابية وتكتنفه المشكلة الأمنية، والتي تجلت فيما حدث من اعتداء على المحاكم في غياب تام للدولة، بما يضع علامة استفهام كبرى، إذا كانت الدولة غير قادرة على تامين المحاكم والتي هي إحدى سلطات الدولة الثلاثة؟ فكيف تستطيع تامين عملية انتخابية تمتد في طول البلاد وعرضها.
واعتبر "الجارحي" أن عملية تامين الانتخابات لا تقتصر فقط على حفظ الهدوء والأمن داخل مقر اللجنة الانتخابي، بل اختفاء مظاهر الانفلات الأمني، وعدم احترام القانون والموجودة الآن في كل شوارع مصر، وحالة عدم استتباب الأمن والعودة إلى الحياة الطبيعية للمواطنين وتحركهم بشكل اعتيادي دون الخوف أو الخشية على أنفسهم أو ممتلكاتهم هو أساس إجراء انتخابات حرة ونزيه.
واستطرد منسق ائتلاف هيئة قضايا الدولة بالإسكندرية، قائلا: "عدم وجود حالة أمنية مستقرة سيترتب علية تزوير إرادة الأمة بطريق غير مباشر، وذلك لان حالة التردي الأمني الموجودة سوف تدفع في اتجاه إحجام الكثير من المواطنين عن الذهاب إلى مقار اللجان الانتخابية لمباشرة حقهم في اختيار ممثليهم، وبالتالي سنعود إلى الغالبية الصامتة من جديد.
وتابع: من غير المتصور أن نطلب من المواطنين النزول للمشاركة في اختيار ممثليهم، وفى ذات الوقت هم يعاينون كل يوم مظاهر اختراق القانون وانفلات الأمن بدون عقاب على من يفعل ذلك، وكذا الاعتداءات على المحاكم والأقسام وعلى ممتلكات الدول والمخالفات في كل مكان تحت سمع وبصر المسئولين الحاليين بدون وجود أي تحرك في اتجاه التصدي لهذه المظاهر.
واستنكر "الجارحي" عدم إعداد نموذج إرشادي يوزع على أعضاء الهيئات القضائية المزمع إشرافهم على الانتخابات حتى الآن، ومن شان وجود هذا النموذج الإرشادي أن يتم توحيد الإجراءات أمام جميع اللجان، وكذا مساعدة المستشارين المشرفين على إدارة العملية بأعلى كفاءة لخدمة جموع الشعب المدعو للتصويت، داعيًا أجهزة الإعلام لتبصير المواطنين بكيفية ممارسة حقهم الانتخابي، وكذلك الإسراع في فرض القانون على الشارع فلا يكفى فقط تشديد العقوبات ما دام الناس يرون من يخترق القانون لا يُحاسب، ومن ثم فان هذا يدفع في اتجاه تكريس فكرة عدم احترام القانون والذي لن تحدث انتخابات حرة ونزيه غير بعد التأكيد على هذا المبدأ وهو سيادة القانون على أن يكون ذلك فعلا وعملا على الأرض يشاهده الناس، وليس مجرد حديث في الغرف المغلقة ومراسيم وقرارات لا تعرف للتطبيق طريقا.
المصدر: الشروق