"قاعدين في التحرير مش هنسيبه.. ويا ثورة كاملة يا إما نروح المقابر".. هذا هو موقف مصابي ثورة 25 يناير الذين يواصلون اعتصامهم في ميدان التحرير بالقاهرة لليوم الحادي عشر على التوالي، رغم محاولات فض اعتصامهم بقوة الجيش والشرطة لأكثر من مرة.
ومحمود رضوان (49 عامًا) المصاب في قصبه رجله يوم موقعة الجمل هو أحد عشرات المصابين الذين بدأوا اعتصامهم يوم الجمعة 11-11-2011 للاحتجاج على ما يصفونه بسوء معاملة المسئولين عن صندوق رعاية مصابي وأسر شهداء الثورة لهم، وخاصة في عدم مساعدتهم في تحمل تكاليف العلاج وتوفير فرص عمل، بالرغم من أن الصندوق به عشرات الملايين من الجنيهات حصيلة تبرعات مصريين في الداخل والخارج، بالإضافة لدعم حكومي، وللاحتجاج على ما يصفونه بعدم الجدية في محاكمة قتلة الثوار ومن أطلق النار على المدنيين في الأيام الأولى للثورة.
غير أن الاعتصام تعرض لمحاولة فض بالقوة على يد قوات الأمن المركزي يوم الأحد 13 -11، والذي فشل بعد تضامن المارة وبعض شباب الثورة معهم.
وفي حديث مع "أون إسلام" عن دواعي الاعتصام قال رضوان: "دي مش أول مرة نعتصم ونتظاهر عشان نطالب بحقوقنا اللي مسيطرين عليها في الصندوق، اعتصمنا قبل كدة كتير قدام مجلس الوزراء وتظاهرنا عند الصندوق وقابلنا المجلس العسكري ومفيش استجابة أبدا".
وائل محمد يعمل مترجمًا ومصاب في العين يوم 25 يناير: "ذهبنا إلى اللواء شوقي الفنجري عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة لحثه على الاستجابة لمطالبنا، وطلبنا منه وضع جدول زمني لتنفيذها؛ لأننا زهقنا من الوعود والتسويف، فرفض الاستجابة، وقال روحوا خدوا الجدول الزمني من التحرير".
ونفى ناصر رمضان (مصاب في العين يوم 28 يناير) أن يكون لاعتصامهم أو ما يجري في التحرير الآن أي صلة بفاعليات جمعة "المطلب الواحد" التي جرت يوم 18-11، ولا بوثيقة السلمي، ولا بأي حركة أو حزب سياسي، قائلًا إنه بعد انتهاء فعاليات جمعة "المطلب الواحد" يوم 18 نوفمبر بقي المعتصمون في الميدان "لأن اعتصامنا ومطالبنا مش مرتبطة ببداية ولا نهاية تظاهرات الجمعة".
ورغم أن الاعتصام بدأ للمطالبة بحقوق المصابين، إلا أن أهدافه تصاعدت بحسب رضوان بعد استخدام القوة في فض الاعتصام، وبعد سقوط مزيد من الشهداء والمصابين، وامتزجت بمطالب من تضامن معهم في الميدان الخاصة بإنهاء حكم العسكر.
وقال: "مش ماشين من الميدان، يا إما ثورة كاملة يا إما نروح المقابر، ولو خلصوا علينا هنكون وقود لثورة جديدة. وأنا لو مت هيطلع غيري 5 آلاف".
وتعرض اعتصام المصابين لمحاولة فض اعتصام أخرى صباح السبت 19-11-2011 على قوات الأمن المركزي كذلك؛ ما أحدث إصابات جديدة في صفوفهم، ومع توافد المتظاهرين للدفاع عنهم ازداد استخدام العنف من قبل قوات الأمن، حتى تطورإلى استخدام رصاص مطاطي ورصاص حي وقنابل غاز.
وأصيب في ثورة 25 يناير أكثر من 5 آلاف شخص بإصابات خطيرة، بخلاف الإصابات الخفيفة الأخرى لآلاف آخرين، وكثير من تلك الإصابات فقد عيون أو أحد أعضاء الجسم، أو شلل جزئي أو كلي، وتعهدت وزارة الصحة أكثر من مرة بعلاج المصابين، غير أن الكثير منهم يؤكد عدم حصولهم على الرعاية الصحية الكاملة، مستشهدين في ذلك بوجود الكثير من الحالات التي تحتاج للعلاج وعمليات ولا تجد الرعاية اللازمة لذلك.
أما صندوق رعاية أسر الشهداء ومصابي الثورة فهو حصيلة تبرعات المصريين بالداخل والخارج، بالإضافة إلى دعم مالي أعلن المجلس العسكري تقديمه؛ بحيث بلغت الحصيلة 100 مليون جنيه، ويتهم المصابون القائمين على الصندوق بتبديد أمواله بعيدًا عن مصالح المصابين.
رد الحكومة
من جانبه قال السفير محمد حجازى، المتحدث الرسمى لمجلس الوزراء، إن مطالب مصابي الثورة تمحورت حول رغبتهم في تولي ممثلين منهم إدارة صندوق رعاية أسر الشهداء والمصابين، ومن خلال لجنة منتخبة منهم، بخلاف مطالب متعلقة بالعلاج، مضيفا أنه جرى التباحث معهم لوضع آلية تحقق مطالبهم ولا تخل او تتعارض مع المبادئ والمعايير القانونية لإدارة أموال الصندوق البالغ قدرها 100 مليون جنيه.
في المقابل قال أشرف حافظ المتحدث باسم مصابي الثورة المعتصمين بميدان التحرير لوسائل الإعلام إن الاجتماع مع مجلس الوزراء كان مرة واحدة فقط طوال فترة الاعتصام، وطالب المصابون خلاله بتطهير صندوق رعاية أسر الشهداء والمصابين من "الفلول"، في إشارة إلى رجال نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وإبعاد بانسيه عصمت، المدير التنفيذى للصندوق والسكرتيرة السابقة لوزير المالية الأسبق الهارب يوسف بطرس غالي، عن الصندوق لأنها تضع العراقيل لعدم استكمال علاج مصابي الثورة وتماطل فى صرف مستحقاتهم.
وكان اللواء محسن الفنجري، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأحد المسئولين عن الصندوق، اتهم المعتصمين في الميدان بأنهم ليسوا مصابين، وأن بعضهم تلقى أموالًا لإثارة الفوضى في البلاد
وأضاف الفنجرى أن خمسة أفراد فقط ممن يدعون الإصابة كانوا قد تجمعوا منذ 8 أيام، وتم إشعال الموقف وانضم اليهم عدد من المصابين، مشير إلى أن القوات المسلحة تقوم بدورها في علاج المصابين، وأن أي مصاب له مطلب علاجي فصندوق رعاية أسر مصابي وشهداء الثورة مفتوح لهم، وأن الجميع يمد يد العون لهم باعتبار أن ذلك واجب الجميع، مشددًا على المطالبة بالتوقف عن المتاجرة بملف المصابين والشهداء.
وردًا على ذلك تقدم فتحي عبدالكريم بسيوني، أحد مصابي الثورة وعضو اتحاد أسر شهداء ومصابي الثورة، ببلاغ إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود ضد اللواء محسن الفنجري، والدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، واللواء منصور العيسوي وزير الداخلية، يتهمهم فيه بتشويه صورة مصابي الثورة والثوار ووصفهم بالبلطجية والمخربين.
وأكد مقدم البلاغ رقم 10779 لسنة 2011 بلاغات النائب العام أنه "في الوقت الذي سبق للمجلس العسكري أن وصف شهداء ومصابي الثورة بالأبطال، إلا أن كل ذلك نسي بخروج اللواء الفنجري في وسائل الإعلام ووصف مصابي الثورة المعتصمين في ميدان التحرير لعدم حصولهم على حقوقهم بأنهم ليسوا من مصابي الثورة، وحرض الرأي العام ضدهم، وأظهرهم في صورة المخربين والبلطجية، رغم أن أسماء المعتصمين مسجلة في صندوق رعاية أسر شهداء ومصابي الثورة، وبدلا من أن يتم الوقوف بجوارهم حرض الناس ضدهم".
وأضاف البلاغ أن قوات الأمن "قامت رغم اعتصامهم السلمي، وعدم تعطيلهم لحركة المرور، أو سير مصالح البلد أو المواطنين بالتعرض لهم والاعتداء الوحشي عليهم جميعًا بالضرب والسب والقذف والسحل والإهانة وسلب أمتعتهم والتنكيل بهم على مرأى ومسمع العالم"، مطالبًا النائب العام بالتحقيق في الواقعة، ومحاسبة المشكو في حقهم جنائيا وفقا للقانون، وتحميلهم تداعيات الأزمة الراهنة.
المصدر: OnIslam